إنني أجزِم يقينًا أن التسويق بالمحتوى لو كان برنامجًا تليفزيونيًّا مثل مسابقة “مَن سيربح المليون دولار؟”، فإن سؤال المليون الدولار سيكون: كيف تحسِّن – أو تزيد أصلًا – معدَّل تحويل القرّاء إلى عملاء؟
أول ما يخطر على البال وقتَ سماع السؤال السابق هو:
- كتابة نداء إجراء مقنع، ووضعه في أماكن مختلفة من المقال.
- تحليل خريطة الحرارة heatmap (المقصود بها هو: استخدام برنامج مِثل Hotjar؛ لمراقبة كيفية تصفُّح القرّاء لمقالات مدوَّنة موقعِك الإلكتروني).
- عمل تجارب A/B، ثم اتِّخاذ إجراءات وفق نتائجها.
اسمح لي أن أصدمك بأن كل الخطوات السابقة لن تُسعِف أو تساعد في تحويل أو تحسين معدَّل تحويل القرّاء إلى عملاء، فالأمر في مُجمَله لا يخرج عن خطأين، هما:
- استهداف كلمات مفتاحية ذات نية بيْعيّة.
- وضع الميزة المناسبة (إن كنت في شركة تقنية بنموذج عمل SaaS، أو منصّة)، أو المنتَج المناسب في المقال، وفْق رحلة العميل.
بدون مقدِّمات طويلة، لندخُل في صُلب الموضوع.
تنبيه: إن أردت تحسين معدَّل تحويل قرّاء مقالاتك، أو مَن ينوب عنك في بناء وتنفيذ إستراتيجية تسويق بالمحتوى ترتكز على محرِّكات البحث، فإننا ندعوك إلى تفقُّد خدماتنا، من هنا.
ما هو تحسين معدل التحويل CRO؟ ولماذا لا ينجح معك؟
تحسين معدل التحويل (Conversion Rate Optimization – CRO) هو عملية تحليل صفحات موقعك الإلكتروني وتعديلها؛ بهدف زيادة نسبة الزوار الذين يتحولون إلى عملاء فعليِّين، سواء عن طريق شراء منتَج، أو تعبئة نموذج، أو الاشتراك في خدمة.
يُنظَر إلى CRO على أنه الحل السِّحري لزيادة المبيعات، دون الحاجة إلى مضاعفة عدد الزيارات؛ لذا فإن معظم الشركات تلجأ إلى تكتيكات، مثل:
- تحسين تصميم الصفحة وتجربة المستخدم.
- كتابة نداء إجراء مقنع (CTA)، ووضعه في أماكن إستراتيجية.
- تشغيل اختبارات A/B؛ لمقارنة الأداء.
- تحليل خريطة الحرارة؛ لمعرفة كيفية تصفُّح الزوار للموقع.
لكن المفاجأة هنا هي أن كل هذه التكتيكات لن تنجح مطلَقًا، إن لم يكن الزائر نفسه مهتمًّا بالشراء من البداية!
وهذا هو السبب في أن الكثير من الشركات تفشَل في تحقيق نتائج حقيقية، على الرغم من تطبيق إستراتيجيات تحسين معدل التحويل بحذافيرها.
إذًا، كيف تفعلها بشكل صحيح؟ وكيف تضمن أن جهودك في CRO لا تذهب سُدًى؟
قبل أن نُجيب، اسأل نفسك: هل تستهدف الجمهور الصحيح أصلًا؟
قد يهمُّك: بناء إستراتيجية التسويق بالمحتوى: 5 منهجيات مثبتة للنجاح.
الخطأ الأول: أَعطِ الأولويّة للكلمات المفتاحية التي تحمِل نيّة بيعيّة:
يرى عامّةُ أصحابِ الأعمال، ومديري التسويق، ووكالاتِ التسويق الرقميّة المتخصِّصة – المدوَّنةَ قناةً تسويقيّةً لإدخال الزائر في رحلة التحويل conversion funnel، ولا يرَون مطلَقًا أنها أصل يمكِنه أن يساعد في زيادة المبيعات.
الترجمة الحَرفيّة لما سبق هي: أنَّ مدير التسويق أو المدير التنفيذي يوافق فقط على الكلمات المفتاحيّة التي تحصد نسب بحث شهريّة عالية للغاية، متجاهلًا أو متغافلًا عن نية الباحث عن تلك الكلمات، إذ إن ما يُهِمّ هو أن يرتفع عدد زوّار المدوَّنة وقُرّائها.
وحُجّة مدير التسويق أو المدير التنفيذي لاتِّباع المنهجية السابقة، هي أنَّه حينما يرتفع عدد الزوار ويبلغ عشرات الأُلوف شهريًّا، يَكفي حينها أن يتم وضع نداء إجراء قويّ، واتِّباع بعض حِيَل زيادة نِسَب التحويل Conversion Rate، والمبيعات حينها ستبلغ عنان السماء.
من واقع تجارب تزيد على سبع سنين في مجال التسويق بالمحتوى المرتكز على الـ SEO، والعمل مع مجموعة واسعة ومتنوعة من الشركات، فإن القناعة السابقة باطلة جملةً وتفصيلًا. نعم، قد يكون مَن يبحث عن تلك الكلمات المفتاحية التثقيفية جزءًا من جمهورنا المستهدف، لكن هذا لا يعني أنه مستعدّ للشراء. ثمة فرق كبير بين مَن يرغَب في التعلُّم والاستزادة، ومَن يَعِي مشكلته ويبحث عن حلول لها.
لنضرب مثالًا عمليًّا بوكالة “نكتب لك”:
نحن في “نكتب لك” نبيع خدمتين: الأولى كتابة المحتوى، والأُخرى بناء وتنفيذ حملة SEO، ونستهدف مديري التسويق في الشركات المتوسطة، والمديرين التنفيذيِّين في الشركات الناشئة، ولدينا الآن كلمات مفتاحية عدّة نحتاج إلى الكتابة عنها، وهي:
- كيف تكتب مقالًا؟ (يبحث عنها 1000 شخص شهريًّا من داخل السعودية).
- كيف تكتب مقدِّمة مقال جذّابة؟ (يبحث عنها 2000 شخص شهريًّا من داخل السعودية).
- خدمة تحسين محرِّكات البحث. (يبحث عنها 100 شخص شهريًّا من داخل السعودية).
برأيك: هل يوجد مدير تسويق أو مدير تنفيذي سيبحث في جوجل عن كيفية كتابة مقال؟
بالطَّبع، لا!
قد تسأل: وما حُجَّتك؟
حُجَّتي بسيطة، وهي أن مهمّاته ومسؤولياته، وميزانية التسويق التي يملك تحت تصرُّفه، تجعله يصُبّ تركيزه على أمور أخرى، فوقْته مضغوط، وليس في حاجة إلى أن يتعلم كيف يكتب مقالًا أو مقدِّمة مقال، فلديه فريق داخلي ينوب عنه في فعل ذلك.
وعمِّم هذا المثال على أيّة شركة أو بزنس قائم، فستجد أن القرار يُصنَع وفق عمليات البحث الشهريّة المرتفعة.
كنتُ أؤمن بأن مَن يبحث عن خدمة تحسين محرِّكات البحث هو جمهوري المناسب، بغضّ النظر عن تدنِّي عمليات البحث الشهريّة.
الآن – بعد أن رأيت خطأ المنهجيّة السابقة – لننتقل إلى الخطأ الثاني من العملية، وهو أن تكتب عن منتَجك أو خدمتك في كل مقال تُنتجه.
قد يهمّك: من داخل المطبخ: كيف ربحنا بمقال واحد أكثر من 250,000$؟
الخطأ الثاني: اكتُب عن منتَجك أو خدمتك في كل مقال تُنتجه:
يميل معظم متخصِّصي السيو ومديري التسويق، إلى الاعتماد الكلِّي على عناصر مثل: النافذة المنبثقة popup، أو النشرة البريدية، أو تصميم نداء إجراء جميل لتحويل القرّاء إلى عملاء، وهذه الطُّرق نادرًا ما تُفلح في تحويل أيّ قارئ، ناهيك عن زيادة نسبة التحويل.
كما أسلفت في الفقرة الأولى من هذا المقال حول الخطأ الأول، فإن سبب تفشِّي هذه القناعة هو أنه يكفي أن تستهدف كلمات مفتاحية ذات بحث عالٍ، وتقدِّم محتوى قيِّمًا، حينَها سيحِبُّك القارئ، وعندما يقرِّر أن يشتري، سيعود إليك في الغالب، وهذا – واللهِ – أقرب ما يكون إلى أحلام العصر، إن كنت تَعِي ما أقول.
من تجاربنا في “نكتب لك”، نجد أنه حتى لو كتبت مقالًا يستهدف كلمة مفتاحيّة ذات بحث عالٍ، فإنك تحتاج إلى أن تكتب عن منتَجك أو خدمتك بشكل واضح في هذا المقال، من باب التذكير بوجودك علامةً تجاريّةً قائمةً؛ لكي تُقنِع بعض القرّاء أن يجرِّبوا أو يشتروا منتَجك، وهذا غالبًا صعب الحدوث؛ لسبب بسيط، وهو: نية الباحث، فمَن جاء ليتعلم، لن يُهمّه مدى روعة منتجك، في حين أن مَن جاءك بحثًا عن حل لمشكلة قائمة ومؤرِّقة، سوف يشتري منك لا محالة.
مثال هذا: مَن يضع على جوجل برنامج محاسبة:
الباحث هنا يريد برنامج محاسبة، حتى ولو كان في مرحلة مقارنة مثلًا، بحيث يدخل على كل نتيجة من النتائج العشر الأُولَى، على صفحة نتائج البحث في جوجل، فهو يقارن لكي يختار، وهو أثقل وزنًا من ناحية التحويل من زميله الذي يبحث عن كيف تبني ميزانية عمومية لمحل تجاري، فالأول يبحث ليشتري، والثاني يبحث ليتعلم.
أو لنأخذ مثالًا في مجال عمل “نكتب لك”، وهو باحث يصنع – مثلًا – شركة تسويق رقمي:
كما ترى فإن مقالنا يظهر في النتيجة الأولى، ولو سوَّقنا وذكرنا “نكتب لك” بصفتها أفضل شركة تسويق، فإنه سيَضع بياناته في نموذج التواصل؛ لكي نتواصل به. وهذا – من باب التوضيح – هو تمامًا استشفاف نية البحث، بمعنى أنَّني لو سوَّقت له “نكتب لك” في مقالي، فلن يسأم أو يملّ؛ لأنه أصلًا يبحث عن شركة تسويق رقمي وما يخصُّها.
إذًا، حتى تستفيد من جهودك في عملية الـ SEO؛ ضع العناصر التالية في قائمة أولويات خطّتك التسويقيّة:
أولًا: استهدِف كلمة مفتاحية رئيسية في صفحة واحدة أو مقال واحد، واحرص على استشفاف نية البحث:
يَعمد معظم متخصِّصي السيو إلى استهداف جملة من الكلمات المفتاحية في صفحة أو مقال واحد، وهذا تكتيك كان شائع الاستخدام، وسريع المفعول في السنوات الماضية، ولكنه لم يعُد فعّالًا اليوم، خصوصًا حينما يكون الحديث عن استهداف كلمات مفتاحية بيعيّة.
لا نقول: إنه خطأ، ولكنَّه ليس الصواب الخالص، قد تسأل: لماذا؟
لأن الكلمة البيعية بطبيعتها يستهدفها الكل، فحينما تستهدفها أنت بشكل حصري في مقال أو صفحة واحدة، فإن فرص ظهورك وبقائك في نتائج البحث الأُولَى عنها، أعلى بكثير من منافسك الذي استهدفها هي ونظيرَتها في مقال أو صفحة واحدة.
قد يهمّك: دراسة حالة للعائد من الاستثمار من عملية كتابة مقالات مهيَّأة لمحرِّكات البحث.
ما هو معدل التحويل الجيد للمدوَّنة؟ ولماذا قد يكون لديك تصوُّر خاطئ عنه؟
عبر سنوات، خُضنا العديد من النِّقاشات مع العملاء الذين يعتقدون أن معدل التحويل لديهم منخفض، مقارنة بما كان ينبغي أن يكون عليه.
الحقيقة أن معظم الشركات تبنِي توقُّعاتها بناءً على معدَّلات التحويل للإعلانات المدفوعة، ثم تُفاجأ عندما تجد أن معدل التحويل من البحث العُضوي SEO أقل بكثير.
خُذ هذا المثال:
- معدل التحويل من إعلانات Google Ads غالبًا ما يكون في حدود 3%.
- في حين أن معدل التحويل من البحث العضوي SEO قد يكون بين 0.1%، و0.3%.
ما النتيجة؟ يظنّ العميل أن هناك مشكلة في إستراتيجيته العضوية، في حين أن الحقيقة هي أن مقارنة معدل التحويل من البحث المدفوع بالبحث العضوي SEO خطأ شائع؛ لأن طبيعة كل قناة مختلفة تمامًا.
لماذا لا تعكس معدَّلات التحويل الحقيقة؟
أغلب الشركات ترتكب خطأً جوهريًّا عند تحليل معدل التحويل من البحث العضوي SEO، وهو عدم تقسيم مصادر الزيارات بشكل صحيح؛ مما يؤدي إلى أرقام غير دقيقة، تجعلها تبدو أعلى أو أقل مما ينبغي.
لهذا السبب، فإن تحليل معدل التحويل يجب أن يكون بِناءً على طبيعة كل صفحة، وليس بمجرد النظر إلى متوسط الموقع كليًّا.
إذًا، ما هو معدل التحويل الجيد للمدوّنة؟
- بالنسبة إلى الصفحات التي تستهدف كلمات مفتاحية بيعيّة (Bottom of Funnel Keywords)، فإن معدل التحويل الجيد يكون بين 1%، و5%، وأي رقم أعلى من هذا يُعَدّ ممتازًا.
- أمّا بالنسبة إلى المدوّنة كلّيّةً، خصوصًا إن كانت تعتمد بشكل أساسي على محتوى يستهدف كلمات مفتاحية بيعيّة، فإن معدَّل تحويل 0.5% – 2% من الزائر إلى عميل محتمل (Lead)، أو مشترك في الخدمة، يُعَدّ أداءً جيدًا.
لماذا تتفوَّق المقالات أحيانًا على صفحات الهبوط في التحويل؟
من التجارب التي أجريناها، وجدنا أن بعض المقالات التي تستهدف كلمات مفتاحية ذات نية شرائية، تتفوَّق في معدل التحويل على صفحات الهبوط التقليدية، حتى لو كانت تلك الصفحات تحتلّ مرتبة أعلى في نتائج البحث. فما السبب؟
- المقالات تمنح القارئ إجابات شاملة؛ مما يجعله أكثر ثقة في العلامة التجارية.
- توفِّر سياقًا أوسع لمشكلة العميل، وتساعده على اتِّخاذ القرار.
- تستهدف مراحل مختلفة من رحلة العميل؛ مما يزيد من فرص التحويل بشكل غير مباشر.
خلاصة القول: كيف تجعل SEO أداة لجلب العملاء، وليس مجرد مصدر للزيارات؟
الخطأ الأكبر الذي تقع فيه معظم الشركات، هو التركيز على عدد الزيارات بدلًا من نوعيّة الزيارات، ثم تتساءل: لماذا لا تتحوَّل المدوّنة إلى قناة مبيعات حقيقية؟
الحل:
- ركِّز على استهداف الكلمات المفتاحية البيعية، بدلًا من الكلمات التثقيفية العامّة.
- تأكَّد من أن مقالاتك تتحدث عن منتَجك أو خدمتك بوضوح في السياق المناسب.
- لا تُقارِن معدل التحويل من البحث العضوي SEO، بمعدل التحويل من الإعلانات المدفوعة، فكل قناة تسويقيّة لها طبيعتها.
- استخدِم المحتوى بصفته أداة لإقناع العميل، وليس فقط لجذبه إلى الموقع.
إن كنت تبحث عن إستراتيجية SEO مَدرُوسة، تحقِّق مبيعات، وليس مجرد زيارات، فنحن في “نكتب لك” نعمل مع الشركات لِبناء إستراتيجيات محتوى فعّالة، تحقِّق نموًّا حقيقيًّا في معدل التحويل. يمكِنك معرفة المزيد عن خدماتنا هنا.