خواطر من داخل المطبخ .. أسرار تُنشر لأول مرة عن طريقة عمل نكتب لك

خواطر من داخل المطبخ .. أسرار تُنشر لأول مرة عن طريقة عمل نكتب لك

تبدو مشاريع وشركات الويب مبهرة من الخارج. هذا أمر لا شك فيه لعموم الناس. لكن نادرًا ما يجري الحديث عن إدارة وكالة، وليس أي نوع من الحديث، بل أن تنطلق في حديثك من مبدأي الشفافية والموضوعية. يطغى على سماء ريادة الأعمال العربية نوع من الصمت، بخاصة فيما يخص الإيرادات، وعمليات التشغيل، ومصاعب وتحديات أن تكن مديرًا تنفيذيًا يقود وكالة تسويق بالمحتوى ترتكز في عملها على العضو البشري، فهو المنتج وهو الخدمة. 

الجميع ينظر إليك بمزيج ما بين الإعجاب مع القليل من السخرية المريرة. ولسان حالهم يقول: أنت تعمل من بيتك. يمكنك مباشرة العمل من سريرك أو أريكة غرفة المعيشة .. لست في حاجة للذهاب إلى مقر الشركة كل يوم، أو التعرض لسخافات مدير يسعى – سعيًا دائمًا – إلى تقليل قيمة ما تقدم حتى لا تطالبه بزيادة أجرك. 

نعم .. يبدو الأمر رائعًا من الخارج، ولكن .. هل هو كذلك بالفعل من الداخل؟

لنكتشف سويًا….

كيف بدأت (نكتب لك)؟

عندما أتحدث عن بداية (نكتب لك) فأنا لا أتحدث عن نكتب لك بعينها كشركة تسويق بالمحتوى في السوق العربية، وإنما أتحدث عن فئة عريضة من شركات التقنية المصغرة التي بدأت بالظهور، في سوق أصبح يغلب عليه رقمنة الأعمال، ووجب أن يأخذ كل منهم موقعه في صدارة مجاله، حتى لا تأتي الأفيال القادمة من الخلف – بميزانياتها الضخمة – لتسحقه في لحظات دون أن يكون مستعدًا. كما فعلت نون بسوق.كوم وبقية منصات التسوق الضخمة في الشرق الأوسط. هذه الشركات تسير في مسار يتسم بالعشوائية في البداية، ولكنه لا يلبث أن يستقر عندما يواجهه السوق مواجهة معينة. 

قاعدة #1: لا تصدق من يخبرك أن الشركة الناشئة تعمل وفق رؤية مؤسسيها. ليس شرطًا على الإطلاق. قد يحدث وقد لا يحدث. ولكن المؤكد والذي لا خلاف عليه في عالم الأعمال هو أن السوق هو من يرسم للشركة المسار الذي تسير فيه لا محالة. 

أنا أتحدث عن الشركات الناشئة الصغيرة التي تحقق أرباحًا معتبرة بدون أن يكون لها حتى مقرًا إداريًا تدير منه أعمالها. شركات كاملة بموظفين، وعملاء، ودعم فني، وخدمات، ومنتجات رقمية، كلها تدور في فضاء الأعمال الرقمية، لتثبت للعالم ما أحدثته الإنترنت من تغير لخارطة الأعمال إلى الأبد. 

ولا أستطيع التحدث عن الشركات العربية الناشئة في عالم الأعمال الرقمية، دون إبداء إعجابي وتقديري بشركة حسوب كنموذج لشركة تُدار بالكامل عن بُعد. وأرقامها تتحدث عنها بفخر.

نعم .. سأتحدث عن نكتب لك كثيرًا في هذه المقالة، ولكن ما أريده منك هو أن تستبدل اسم نكتب لك باسم شركتك التي حتمًا ستمر بكل ما مررنا به. فسواء أكانت شركتك قائمة بالفعل أو حتى تفكر في تكوينها، فستواجه نفس ما واجهنا حتمًا بشكل أو بآخر. وعلى الرغم من نجاحاتنا المتعددة، إلا أننا مررنا – كما تمر جميع الأعمال – بكبوات صعبة، فكّرنا كثيرًا حينها أن نغلق الشركة كبديل سهل للهروب لجأ إليه عشرات الشركات التي بدأت مثلنا ولم تستطع الاستمرار. 

ولكن وجودك الآن لقراءة هذه المقالة بكل المعلومات التي سنذكرها لك، يعني أننا مازلنا في المضمار نجاهد للفوز. نعم .. نعاني كثيرًا – كما سيتضح لك بعد قليل – ولكن على الأقل مازلنا نسير في الطريق الذي رسمناه منذ البداية. أو إن شئت قل: رسمه لنا السوق بعد البداية بقليل. 

كيف تعمل نكتب لك؟

كما سبق ونوّهنا، سنتحدث عن الفارق بين الفكرة والواقع. 

الفكرة: شركة متخصصة في تحويل مدونة شركتك إلى قناة تسويقية فعالة في تعزيز الأرباح عبر توظيف تقنيتي التسويق بالمحتوى والـ SEO للشركات التقنية بنموذج SaaS، وقطاع الأعمال B2B، والمتاجر الإلكترونية.

الواقع: شركة بناء وتنفيذ استراتيجية SEO لموقعك للمنافسة على كسب العملاء عبر محركات البحث.

أولاً: مرحلة الفكرة

عندما بدأت الفكرة كنا نظن أن السوق يستوعب ما نقدمه من خدمات. أصلاً بدأت فكرة إنشاء نكتب لك من واقع أن السوق العربي يتطور كل يوم، ويزيد وعيه بأهمية التسويق الرقمي، الذي يعتبر التسويق بالمحتوى Content Marketing جزءًا لا يتجزأ منه. فكان دخولنا المضمار بقلوب واثقة في الفوز، وكأننا نغطي ثغرة يعاني منها السوق العربي في تقديم خدمات محتوى احترافية (وهو مازال يعاني منها بالمناسبة حتى لحظة كتابة هذه السطور). 

كانت الفكرة واعدة، وكان الطموح هائلاً .. لذلك بدأنا ظنًا منا أن العملاء سيتوافدون علينا لطلب خدمات صناعة المحتوى بغزارة بعد أن يكتشفوا بوجود نكتب لك. وكأنهم – المساكين – كانوا متعطشين لمن يساعدهم، وكانوا ينتظرون – فقط – أن نظهر لهم في الأفق. ولكم كنا مخطئين حينذاك .. وهذا بدوره ينقلنا إلى المرحلة الثانية التي قام فيها السوق بتشكيلنا وفق ما يطلبه ويحتاجه. 

ثانيًا: مرحلة الواقع

ينظر السوق العربي لصناعة المحتوى على أنها مهنة بسيطة يمكن لأي شخص تنفيذها. لا يدرك مدى الاحترافية التي يجب أن تكون عليها صناعة المحتوى حتى تصل إلى تحقيق أهداف مهنته. لا ينظر إلى فن استخدام الكلمة، واختيار المفردات، والإيحاءات الرمزية، والمؤثرات اللفظية، وفنون الكتابة التسويقية الإبداعية، وغيرها الكثير. دع عنك الآلية الصحيحة لفهم الجمهور المستهدف، والهدف التسويقي، ثم بناء إستراتيجة تسويق بالمحتوى تحقق الهدف المنشود منها.  قلة قليلة في العالم العربي من تعرف – بدقة – الدور الحقيقي للمحتوى. فالمحتوى لا يغدو كونه محفظة استثمارية تقوم بها الشركة الحاذقة، حيث تكتب محتوى غرضه الأساسي أن يبني روابط خلفية لزيادة موثوقية الدومين الإلكتروني، وآخر هدفه تحويل الجمهور المتعطش للحلول والواقف على عتبة القرار إلى مبيعات فعلية، وآخر لأجل التثقيف وجعل علامتك التجارية قائد فكر موثوق، والخبير الأول في الصنعة. المسألة ليست مسألة إنشاء أو تأليف.

وبالنظر إلى أن التسويق الرقمي حديث نسبيًا في العالم العربي، فقد واجهتنا مشكلة كبيرة عند التعامل مع العملاء الجدد. ليس في توصيف ما نقدم، ولكن في إقناعهم بأهمية ما نقدمه. يشعر العميل بالشك دائمًا: ماذا تعني أن أدفع لك أموالاً طائلة لقاء رصّ الحروف بجانب بعضها البعض، وتكوين بعض الكلمات والجُمَل والفقرات؟!

إطّلاعنا على البيئة الغربية في الأعمال، وكيف يتعاملون مع التسويق بالمحتوى بتقدير، صوّر لنا أن الأمر نفسه سيتحقق في البيئة العربية، ولكنه لم يحدث. ربما يتغير الواقع في المستقبل القريب. ولكن حتى ذلك الحين فقد كنا في حاجة إلى بديل لإقناعهم بأهمية ما نقدم.

ولأن فنون تهيئة المواقع لمحركات البحث SEO قد بدأت في الشهرة بقوة منذ منتصف العقد الماضي، وظهرت أهميتها للكثير من العلامات التجارية، وبدأت في الاعتماد عليها بشدة، فقد تكفّل السوق بتوجيهنا للدخول من هذا المدخل: تهيئة موقعك لمحركات البحث للحصول على المزيد من الزوار والعملاء المستهدفين.

هذا هو المسمى الرسمي للخدمة التي نقدمها في نكتب لك الآن. نحن لا ندخل للعميل من مدخل صناعة المحتوى لموقعه، وإنما من مدخل التسويق بالمحتوى بمفهومه الحقيقي؛ أن تكتب المحتوى المناسب ثم تسوقه ليصل للجمهور المناسب؛ أو إن شئت قل: التمني لا تبنى عليه الأعمال، فما بالك بالإستراتيجيات. أن تكتب محتوى أصيل ثم تتوقع منه أن يتصدر نتائج البحث، فهذا توهم خادع، لكن الصوب أن تكن ثمة طريقة – SEO مثلاً – لتسويق هذا المحتوى بحيث يظهر أمام الجمهور المستهدف.

بالطبع نخبره أن هذه الطريقة تحتاج إلى وقت (3 أشهر على الأقل) حتى تؤتي ثمارها، وأنها ستوفر لك الكثير من الزوار المجانيين لموقعك يتزايدون كل شهر، وأنها ستجلب لك العديد من العملاء الدائمين، وأنها وأنها .. إلخ إلخ. هذا وحده يكفل لنا تعاقد لمدة 3 شهور على الأقل مع أي عميل نتعامل معه، وهو ما لم يكن متاحًا من قبل عندما كنا نتحدث عن كوننا (وكالة تقدم خدمات كتابة محتوى فقط). 

هل رأيت كيف قام السوق بإعادة تشكيل الطريقة التي نقدم بها خدماتنا؟ لم نبدأ كذلك، ولم نطلب هذا، ولكن المسار الذي سرنا فيه أدى إلى ذلك. 

كان هذا القرار معناه إضافة فريق مختص للتسويق عبر محركات البحث إلى فريق عملنا بقيادة المذهل حمزة آيت هروش، وكذا إضافة مصمم جرافيك لتقديم أفضل الصور وأكثرها جاذبية للعملاء، وهذا معناه اتساع فريق العمل واحتياجنا لمدير مشاريع يعرف أسس بناء وإدارة عمليات تشغيل تعتمد على البشر كمنتج أساسي، وبالطبع أنا أتحدث عن محمد الآغا، وحتى لا تتكرر الفوضى المالية – التي سنتحدث عنها بعد قليل – احتجنا إلى مدير مالي لإدارة مشاريع نكتب لك فكان نايف الآغا. كل هذا بجانب فريق عظيم لكتابة المحتوى التسويقي، تم تدريبه وإعداده على أعلى مستوى ممكن. وصل عدد الموظفين في نكتب لك الآن إلى 15 موظف، وكنا نتوقع أن يزيد العدد، ولكن حدث ما جعلنا نتوقف. 

وبدأت الفوضى

في بداية العمل – كشركة رقمية ناشئة – أنت تمر بعدة مراحل متباينة في المشاعر. ففي البداية سواء قبل أو أثناء أو بعد التأسيس مباشرة، تكون محملاً بالكثير من الطموح والأمل في تحقيق مبيعات وهمية، والحصول على كم ضخم من العملاء في وقت قصير نسبيًا … أليس كذلك؟ حسنًا .. هذا فعليًا لا يحدث .. أنت تمر بفترة جافة للغاية من الصفقات والعملاء، تشعر معها بالحيرة، وجدوى الاستمرار في هذا المشروع من عدمه. 

فنبذل المزيد من الجهود .. فتبدأ السماء في المطر. قطرات بسيطة، ولكنها رحيمة بالنسبة لشركة متعطشة للعملاء. هذا العميل – الذي يصل إلينا – ونحن في هذه المرحلة، يكون أشبه بالطفل الذي رُزِقَت به أم بعد عُقْم 10 سنوات على الأقل. هذا العميل يحصل على مستوى خدمة استثنائي في الجودة، والبونص، والدعم الفني، والتسليم في مواعيد منضبطة (لاحظ ليس لدينا غيره)، ثم – وهي التي تنذر بكارثة قادمة – يحصل على كل هذا بسعر تنافسي، يصعب – إن لم يستحيل – أن يجد مثله لدى شركات أخرى مماثلة في السوق. 

ثم يبدأ العملاء في التساقط علينا كنتيجة طبيعية لجهودنا التسويقية وجودة أعمالنا والتسويق بالمديح Word-of-Mouth. فنتعامل معهم بنفس الآلية المبنية على الكرم الشديد والأسعار القليلة، لأننا – وهذا طبيعي – نخشى أن نفقد عملاء نحن في حاجة إليهم حتى نستمر في التواجد في السوق. 

وتمضي الأيام ويزيد عدد عملاؤنا، ونفرح بالأرقام الضخمة، والسمعة التي تزيد يومًا بعد يوم، ونظن أن الأيام القادمة ستكون أحلى وأحلى .. كل هذا حتى حدثني مدير الشئون المالية لنكتب لك بجملة واحدة فقط من كلمتين: نحن نخسر.

هل الإيرادات معبرة عن الأرباح؟ 

من الأخطاء النمطية الشهيرة في عالم الأعمال: الاغترار بالإيرادات، وتجاهل النظر في بند صافي الربح.

قاعدة #2: لن تكون أولى تحدياتك في شركتك الناشئة تسويقية أو إدارية أو تنظيمية .. ستكون تحديات مالية بحتة.

هل تعلم أن شركة أوبر Uber لم تحقق أية أرباح حتى الآن؟ 

نحن نتحدث عن شركة من الشركات أحادية القرن Unicorn التي تتجاوز قيمتها السوقية وقت كتابة هذه السطور 67 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك فلم يرى السطر النهائي في ميزانيتها السنوية اللون الأسود بعد (اللون المعبر عن الأرباح، بينما تكون الخسائر باللون الأحمر). 

بالطبع لا نقارن أنفسنا بأوبر. فالشركة العملاقة لها مسار خاص يسعى حثيثًا للوصول إلى نقطة التعادل Breakeven Point، بينما نحن في حاجة إلى تحقيق أرباح حتى – فقط – نستمر. الشركة تحقق بالفعل وفرة في الإيرادات، ولكن يبدو الأمر وكأننا نعمل عند العملاء لصالح العملاء .. وصالح العملاء فقط. فما السبب؟

السبب يعود إلى البداية .. إلى مرحلة تعطشنا لعميل جديد لإثبات قدرتنا على تقديم خدمات احترافية، وكذا رغبتنا الشديدة في ملء فراغ الشركة بالمزيد من العملاء حتى يمكننا الاستمرار. فكانت النتيجة هي تقديم الكثير من التنازلات للعملاء مقابل الحفاظ عليهم وجذب المزيد منهم. ولكن على الناحية الأخرى كان هذا إهلاكًا حقيقيًا لموارد نكتب لك المعتمدة في الأساس على ما يقدمه هؤلاء العملاء من موارد مالية (إيرادات) للشركة. 

فكانت النتيجة هي أننا أصبحنا نعمل فعليًا لدى العملاء ولصالح العملاء، وليس لصالح نكتب لك.

مرحلة زيادة أسعار خدماتنا نكتب لك

لتتخيل الصورة بمجموعة من الأرقام: لنفترض أن لدينا 10 عملاء قدامى. شديدو السعادة بما نقدمه بالمقابل الذي نأخذه (ولديهم الحق في ذلك). وكان كل عميل جديد يأتي يحصل على نفس المستوى من الخدمة بنفس المقابل. مع مرور الوقت أدركنا أننا لا يمكن أن نستمر على هذا الحال إلى الأبد. فكان القرار الطبيعي: زيادة أسعار خدماتنا. 

وبقي السؤال: هل سيشمل هذا التغيير العملاء القدامى؟

فكان الإجماع على تخصيص الأسعار الجديدة للعملاء الجدد فقط، وإبقاء العملاء القدامى كما هم بدون تغيير. بعض عملاؤنا يعمل معنا منذ عدة سنوات، وعدد منهم يعمل معنا منذ افتتاح الشركة تقريبًا. فاجتمعنا على هذا الرأي، مع الإبقاء على جهودنا التسويقية نشطة، حتى نصل إلى مرحلة زيادة العملاء الجدد عن العملاء القدامى لتغطية خسائرنا بسببهم (وهي خسائر حقيقية بالمناسبة، ومدونة بالأرقام كذلك) ومحاولة الحصول على هامش ربح معقول يسمح لنا بالاستمرار. 

فكانت المفاجأة: زاد عملاؤنا الجدد بالفعل، وزادت إيراداتنا، ولكن 80% من مواردنا كانت بالفعل مهلكة لصالح العملاء القدامى.

فكّرنا في عرض الأسعار الجديدة على العملاء القدامى. فرفضوا جميعًا، وبعضهم أوضح بشكل صريح أنه إذا تغيرت الأسعار فسيذهب بلا عودة. فكيف السبيل لعلاج هذه الأزمة؟

لاحظ أننا – مهما زاد عدد العملاء – لدينا طاقة استيعابية لن نستطيع تجاوزها. نحن لسنا شركة SaaS نبيع منتج رقمي سهل نسخه وتكراره، وإنما نقدم خدمات تخصيصية حقيقية، قائمة على ذكاء وجهد بشري موجه، وكل موظف لدينا له طاقة استيعابية للمشاريع، وفريق عملنا بالكامل سيأتي عند لحظة واحدة ويتوقف عن تقديم المزيد رغمًا عنه. وحتى مع زيادة فريق العمل، تبقى الفجوة كما هي، بل ربما تتسع في الفترات التي يحدث فيها ركود (مرتبات موظفين، ولا مشاريع جديدة). أي أننا سنظل ندور في دائرة مغلقة نبحث عن مخرج. ولاحظ أن كل كاتب محتوى محترف نحصل عليه، يصعب علينا للغاية التخلي عنه لأنه سيذهب لدعم المنافسين، أو ينافسنا حتى هو بنفسه بأسعار أقل بكثير.

قاعدة #3: على الرغم من سهولة التخلي عن الموظفين حينما تحدث الأزمة كحل مناسب لتخفيض النفقات، إلا أنه من الصعب للغاية العثور على موظف محترف يعرف ما يجب عليه عمله بدون الكثير من التوجيه والإدارة. لذلك إذا عثرت على موظف محترف، لا تتخلى عنه أبدًا، مهما كلفك الأمر. 

هل استراتيجية استبدال العملاء ستصلح مع نكتب لك؟ (محاولة حل أزمة الفرصة البديلة)

فكرنا في فكرة شديدة الجرأة: سنتخلى عن بعض العملاء القدامى لصالح توفير جهودنا للعملاء الجدد.

سنصل معهم إلى مفترق طرق: نحن مضطرون إلى زيادة الأسعار، فإذا ناسبكم ذلك استمررنا في العمل معًا، فإن لم يناسبكم فسنضطر آسفين إلى إنهاء تعاقدنا. 

لكي تطّلع على الأزمة المالية التي كنا نمر بها مع العملاء، يجب أن تدرك ما يُسمى بـ (أزمة الفرصة البديلة). لنوضحها بمثال. 

لدينا زوج من العملاء: عميل قديم نحقق منه إيرادات قدرها 200$ شهريًا (2,400$ سنويًا)، وعميل جديد نبذل معه نفس الجهد ونحقق منه 1000$ شهريًا (12,000$ سنويًا). 

لاحظ: نبذل معه نفس الجهد. فإذا حسبت الفارق بين العميلين ستجد فجوة صادمة (12,000 – 2,400 = 9,600$ نفقدهم سنويًا). يُطلق على هذه الحالة: تكلفة الفرصة البديلة. أي ما كنا سنحصل عليه إذا حصلنا على عميل يدفع هذا المبلغ بالفعل، في ظل بذل نفس الجهد. فريق العمل هو هو، يتقاضى نفس الراتب. المشروع على نفس المستوى من الجهد والصعوبة. ولكن فجوة الإيرادات – بسبب تكلفة الفرصة البديلة – مفزعة. مفزعة ومغرية للغاية باستبدال أسعارنا أو استبدال العميل نفسه إذا لزم الأمر.

قاعدة #4: حذارِ من التفريط الحاد والصارم في العملاء القدامى الذين يكنون لك الكثير من الولاء. 

حتى تدرك طبيعة الأزمة، فالعملاء القدامى كانوا معنا منذ بدء النشأة تقريبًا. وقد حرصنا في تلك الفترة على توطير أواصر الثقة فيما بيننا بشكل يقترب من الصداقات الشخصية المباشرة. لذلك يتعامل معظم العملاء القدامى معنا بشكل ودود أكثر منه عملي، ويطمحون للمزيد من الإضافات والهدايا المجانية منا دائمًا. 

ثم إنهم يتحدثون معنا بلغة (كنا معكم منذ البداية، وصعدتم على أكتافنا، حتى وصلتم لما أنتم فيه الآن)، وهم – إن قالوا ذلك تلميحًا أو تصريحًا – على حق إلى حد كبير. فشريحة كبيرة من عملائنا حصلنا عليها بالفعل من خلال عملائنا القدامى. ولكن هذه اللغة العاطفية لن تعوضنا عن الخسائر التي نحققها (أزمة الفرصة البديلة) والتي يحتاجها نشاطنا التجاري بالفعل حتى يمكنه الاستمرار. 

فكان القرار النهائي: تخيير 50% من أقدم العملاء ما بين تحديث الأسعار إلى المعدلات المقبولة، أو الانفصال النهائي. 

كانت حساباتنا جامدة وعقلانية إلى حد كبير. وأخبرنا أنفسنا أننا لو استمررنا على نفس معدل النمو الذي نسير عليه، ففي الغالب سترتفع إيراداتنا – ومعها أرباحنا – بنسبة 25% على الأقل كمرحلة أولى، ثم ستتضاعف في العام الذي يليه. 

فهل هذا ما حدث بالفعل؟

من السهل توقع المخاطر .. من الصعب – أو المستحيل – توقع الأزمات

كان الانفصال حادًا وقويًا وسريعًا. كان غرورنا بما نربحه من عملاء أو نفتحه من صفقات Leads وما يوفره ذلك من احتمالية كبيرة لكسب عميل جديد، داعمًا قويًا لاتخاذ القرار بهذه الطريقة. وكان هذا أكبر خطأ ارتكبناه في مسيرتنا المهنية ككل في نكتب لك، حتى لحظة كتابة هذه السطور. 

الأمور في عالم الأعمال لا تسير دائمًا بحسابات الورقة والقلم. بل حتى معدلات النمو في العادي لا تسير بشكل خطي منتظم، وإنما بدالة أسية شديدة الانحدار. هذا يحدث مع جميع الشركات. 

ظننا أننا عندما نفقد 50% من عملائنا مرة واحدة، سيأتي 50% آخرون على الفور. ظننا أنه سيأتي من يملأ فراغهم بسهولة شديدة، وسيكون لدينا قدرة على الاستمرار بدون أي ضغوط. ولكن هذا لم يحدث .. بل حدث ما هو أسوأ .. جاءت كورونا. 

قاعدة #5: لا يوجد مُقَيّم حقيقي لصلابة الأعمال، قدر الأزمات المفاجئة. وحدها هي التي ستكشف عنك الغطاء، أمام نفسك وأمام الجميع لتجيب عن سؤال واحد فقط: هل حقيقةً لديك القدرة على الاستمرار والصمود؟

المنطق يقول أن كورونا ساعدت على رقمنة الأعمال إلى حد كبير، ومن ثم أدرك الناس بشكل عملي أن التسويق الرقمي له الكلمة العليا، وأن من يسيطر على محركات البحث لفترة طويلة من الزمن هو الفائز لا محالة. ولكن هذا حساب المنطق .. من قال أن الواقع يطابق المنطق دائمًا؟ 

الذي حدث هو فجوة ضخمة في الميزانيات التسويقية لملايين الشركات لتوفير سيولة نقدية تسمح بتجاوز الأزمة، وإعطاء المرتبات للموظفين بدلاً من الاستغناء عنهم، حتى تمر الأزمة بسلام. هذا أدى إلى احتمالية فقد جميع العملاء بالكامل. كانت أزمة حقيقية، واحتاجت إلى وقت طويل حتى يتمكن الناس من اتخاذ القرارات الصحيحة، والتعامل مع الأزمة بشكل عقلاني. ولكن .. لا تسأل أحد عن أية قرارات عقلانية في ظل أزمة كأزمة كورونا تمس حياة الناس بهذا الشكل الحساس: حياة أو موت. 

الذي حدث هو أننا خسرنا عملاؤنا القدامى الذين كانت تربطنا بهم صلة صداقة أكثر من العمل، وكانوا يقدرون أعمالنا كثيرًا ويعتمدون علينا. ولم نكسب عملاء جدد يعوضون هذا الفقد، فسقطنا في فجوة مظلمة في المنتصف، لا منها حافظنا على ما نملك بالفعل، ولا منها كسبنا عملاء جدد يُخرجوننا من الأزمة التي تزيد مع الوقت. 

من كان يتوقع هذا؟ 

جميع ما خططت له ذهب أدراج الرياح بين عشية وضحاها. حرفيًا: بين عشية وضحاها. بل ما هو أوقع وأنكى في عظامنا: جميع عملاؤنا الجدد انصرفوا عنَّا ولم يبق معنا إلا عملاؤنا القدامى. أمر مدهش .. أليس كذلك؟ استمروا معنا وتجاوزنا الأزمة سويًا، وزادت روابطنا أكثر وأكثر على عكس من كانت تربطنا بهم صلة شهور بسيطة، توقفوا فورًا – بشكل عملي جامد عقلاني – عن الاستعانة بنا. أي أن العلاقات هي التي ربحت، وليس الحسابات المنطقية.

وقبل أن نتحدث عما تعلمناه من بناء العلاقات في عالم الأعمال، لنوضح البدائل التي كان ينبغي أن نسير عليها مع عملائنا القدامى. لقد أخطأنا .. نعم .. نعترف بالخطأ بدون أدنى قدر من المكابرة، ونقدم اعتذارًا رسميًا مستحقًا لكل عميل أقدمنا معه على هذا القرار المجحف المفاجئ، المبني على الحسابات المهنية فقط بدون وضع العلاقات في الاعتبار. 

قاعدة #6: اعط حدسك الكثير من الاهتمام. فإنه ينمو – معك – رغمًا عنك.

حدوث الأزمة، أوضح لنا أنه كانت هناك الكثير من البدائل، ولكننا تعاملنا مع الأمر بشكل عقلاني بحت. فإذا كانت الرغبة في قرارات عقلانية، فكان من الأولى اتخاذ أحد الخيارات التالية: 

1. الاستبدال التدريجي

لماذا قمنا بقطع العلاقة مع 50% من عملائنا مرة واحدة؟ ولماذا 50% بالتحديد؟ ولماذا بهذه الطريقة الجافة الصادمة الحازمة القاطعة؟ عندما نعود لتذكر هذا الأمر، لا أدري أين كانت عقولنا ونحن نتخذ مثل هذا القرار. ولكن هذا القرار الذي يبدو الآن شديد التهور والحماقة، كان وقتها شديد الحكمة والذكاء. نعم .. كنا نأخذ قراراتنا بناءً على معطياتنا الحالية، وليس على توقعات المستقبل. 

في حين أن المنطق يقول (لاحظ: المنطق): لا تبع فراء الدب قبل صيده. 

كيف قررنا الاستغناء عن عدد ضخم من العملاء القدامى مرة واحدة بدون أن يكون لدينا عدد مماثل من العملاء الجدد؟

كان من الممكن الوقوف في مفترق الطرق مع كل عميل نكتسبه، ونحن نعمل بنفس الموارد. كان من الممكن أن نتعامل مع الأمر بشكل جزئي تدريجي (والتدريج مهم للغاية في هذا الشأن وسنذكره في العنصر التالي كذلك). 

كان من الممكن الانتظار حتى إتمام الصفقة والتعاقد مع العميل الجديد الذي سيعطينا المقابل المادي الذي نستحق، ومن الناحية الأخرى نختار أضعف عملائنا القدامى إيرادًا وفائدة، ونخيره ما بين الاستمرار بالمعدلات الجديدة، أو إنهاء التعاقد (آسفين لانتهاء هذه العلاقة .. بكل حب وتهذيب، وليس بشكل عملي جاف). 

في هذه الحالة لن يهتز موقعنا على الإطلاق. فمع كل فراغ يُحدثه فقدان عميل قديم، سيملؤه عميل جديد. بل ربما تحدث المعجزة ويوافق العميل القديم على تحديث الأسعار، ونربح عميلين، ومن ثم نستطيع زيادة قوتنا العاملة حينذاك ونحن نقف على أرض صلبة، وليس بناءً على احتمالية غير حقيقية أو غير واقعية حالمة. 

ثم نستمر على هذه الاستراتيجية – والاستراتيجية التالية بالطبع – حتى نرفع من إيراداتنا بدون التأثير على سمعتنا أو عدد العملاء الذي تتغذى به نكتب لك. ليس هذا فحسب، ولكن كذلك بدون التأثير على علاقاتنا مع العملاء القدامى وما يتوقعونه منا. 

2. الزيادة التدريجية في الأسعار

لماذا تضرب بقوة من المرة الأولى؟ لماذا نرفع الأسعار بنسبة 500% مرة واحدة؟ هذا ليس منطقيًا على الإطلاق، ولو عُرِضَ علينا نفس الأمر لرفضنا بشكل قطعي ونهائي. كان تصرفًا شديد التهور. ولكننا مازلنا نتعلم. 

عندما ترغب في زيادة الأسعار مع عميل قديم، احرص على اتباع نظرية ارتفاع أسعار البقالة.  عندما تحدث زيادة في الأسعار، لا يقوم المورد أو البقال بزيادة الأسعار مرة واحدة حتى لا يهرب الزبون ولا يعود إليه مرة أخرى، أو يستبدل المنتج ككل بمنتج آخر. ولكن يقوم بزيارة الأسعار بشكل تدريجي، يدفع الزبون إلى قول: هذه زيادة بسيطة .. والمنتج يستحق .. لا بأس. 

إذا قمنا باستخدام نفس السياسة بدقة وحكمة مع عملائنا القدامى، لظلوا معنا حتى الآن. 

من الممكن أن تصنع خطة تدريجية لمعدلات زيادة الأسعار مع العملاء. لنفترض أن الخطة تقضي بأن الزيادة المستهدفة هي 100%. لن نقوم بطلب الزيادة مرة واحدة، وإنما سنطلبها بشكل تدريجي على مدار العام، وبشكل متقطع كل 3 شهور، وبمعدل 25% في المرة الواحدة. 

بالطبع هذه الزيادة ستصاحبها العديد من الاعتذارات والتبريرات التي ستتسلل إلى العميل رويدًا، ويقتنع بها بدون أن يؤثر على ميزانيتك أنت. فإذا انسحب خلال الزيادة، فلا بأس. لديك عميل جديد يحل محله. أما إذا استمر معك، فلديك عميلان يوفر مجموع ما يدفعانه نسبة مقبولة من صافي الربح.

3. دفع العميل لاتخاذ القرار بنفسه

وهي خطوة أكثر جرأة بعض الشيء. وهي أن تقوم بعرض ملف التزاماتك على العميل، ومستويات الأسعار التي تعمل بها لتوفر هذه الالتزامات، ثم دعوته – هو – لاتخاذ القرار المناسب كما لو كان هو صاحب الشركة. 

هذه الخطوة لا تصلح إلا مع العميل الذي تربطك به صداقة قوية تسمح بمثل هذه الخطوة الاستثنائية في عالم الأعمال. وأيًّا كان القرار الذي سيتخذه، فسيكون مربحًا لك. فلو قبل بزيادة أسعار الخدمات بمعدلات قابلة للتفاوض والرضا، فقد ربحت. وإذا قرر الانفصال، فقد انفصل عن الشركة وهو غير حامل لضغينة أنك تخليت عنه لحظة احتاجك بل سيعمل على نشر سمعتك الطيبة بين الناس، ويحكي عن مدى ذوقك وتقديرك لعملائك ككل ولعملائك القدامى على وجه الخصوص. 

العلاقات في العمل .. هل هي استراتيجية صائبة أم خاطئة؟ 

“لا صداقة في العمل، ولا عمل بين الأصدقاء”

من قائل هذه المقولة؟ حقيقة لا أدرى .. ولكنها مقولة خاطئة إلى أبعد الحدود. الناس لا تتعامل إلا مع من تشعر معه بالراحة، وليس الشخص الكفء فحسب. هب أنك احتجت إلى تصميم لوجو شركتك، فتعاملت مع شخص محترف للغاية ولكن شديد الجفاف ويتعامل معك بشيء من الوقاحة. بينما هناك آخر متوسط في المهارة، ولكنه يتعامل معك بالكثير من الكياسة واللطف ويبحث عن راحتك ورضائك إلى أبعد الحدود .. من ستُفَضِّل؟ الإجابة واضحة. 

على الرغم من تواجدك في عالم الأعمال، فأنت تتعامل مع بشر ليسو محصورين في عالم الأعمال فقط، وإنما غارقين في العلاقات الإنسانية ما بين عائلة وأصدقاء ومعارف، وجميع هذه الصلات قائمة على مراعاة الجانب الإنساني في العمل. 

حينما أُصبت بفيروس كورونا وعلم عملائي، لم أستطع نسيان كل من تواصل معي ليطمئن عليّ فقط بدون غرض آخر، عن ذلك الذي كان يطمئن فقط على خط سير العمل في ظل إصابتي. لا أقول أن الآخر خطأ في تصوره، ولكنه خطأ في الطريقة التي تعامل بها مع الأمر. 

لقد استغربت بشدة من العملاء الذين نقدم لهم أعلى خدمة احترافية متزنة، ولكن بجفاء عملي، ثم قرروا فجأة تركنا والذهاب لآخرين. ونفس استغرابي لعملاء تركونا – قديمًا – لفترة من الزمن، ثم عادوا متعللين بأنه لا يوجد أفضل منا يمكنه التفاهم معه، وتحقيق ما يصبون إليه.

العميل القديم لديه الكثير ليقدمه لك: 

  1. هو يمدحك بين الآخرين Word-of-Mouth بدون أن تطلب منه
  2. يصبر عليك إذا تأخرت عليه، ويتقبل أعذارك إذا قصرت، ويسامحك إذا أخطأت
  3. يتجاوز عن زلاتك .. فرصيدك لديه يسمح بمثل هذه التجاوزات
  4. يقدم لك النصح والاستشارة من واقع خبرته الشخصية بدون مقابل
  5. يكون سببًا في حصولك على عملاء جدد
  6. يقدم لك استثناءات في الدفع، فيمكن أن يدفع قيمة المشروع مقدمًا (في حالة وجود أزمة سيولة) قبل أن تكتب كلمة إذا طلبت منه ذلك، وحدثت بالفعل أكثر من مرة مع عملائي القدامى
  7. تحصل منه على فوائد جانبية خارج نطاق العمل من واقع علاقاته (صديق سعودي أعطاني تأشيرة لمدة عام – صديق إماراتي شرح لي خطوات استخراج الرخصة بدقة شديدة في الإمارات العربية المتحدة – صديق مصري أرشدني إلى أفضل المزارات السياحية في مصر) .. لاحظ: أقول صديق لا عميل

من يتحدث بجفاء عن تجنب الصداقة في العمل، هو حتمًا لم يجربها. ولكن تناول الأمر بالكثير من الكياسة والاعتدال، سيوفر لك دفقًا دائمًا من العملاء الدائمين، بالإضافة إلى علاقة مستمرة مع العملاء القدامى، حتى بعد إنهاء التعاقد الرسمي لأي سبب.

قاعدة #7: اهتم ببناء علاقاتك بالضبط كما تهتم بزيادة أرباح شركتك. تبنّ مفهوم: العلاقات = أرباح.

التركيز في العمل .. النظرية مقابل التطبيق

إذا تصادف وتعاملت مع مطور ويب Web Developer ستجده يكرر استخدام عدد الساعات كمقياس للعمل كثيرًا (هذا المشروع يحتاج مني 150 ساعة عمل – أحتاج للعمل على هذا المشروع 4 ساعات يوميًا – تُقدّر ساعتي بكذا وكذا من الدولارات إلخ). 

ولأن مطور الويب عادة ما يكون عمله نمطي، يحتاج إلى وقت تنفيذي منه في المقام الأول، فقد استوعبت هذا الأمر، وحاولت التعامل به وفق نظام عملي .. حسنًا .. لقد كُنْتُ مخطئًا.

قاعدة #8: الكل لا يساوي – بالضرورة – مجموع أجزاؤه.

أي أنه إذا كان لديك مشروع أنت في حاجة للقيام به، وكان يتطلب منك 5 ساعات من التركيز في العمل. فربما تقول لنفسك سأخصص ساعة في نهاية كل يوم عمل لإنهاء هذا المشروع على مدار 5 أيام عمل. حسنًا .. أنت مخطئ يا صديقي. 

الإجراء الصحيح هو أن تخصص يومًا كاملاً تعمل فيه لمدة 5 ساعات متصلة من التركيز المتصل على هذا المشروع. يتخللها دقائق للراحة بالطبع. ولكن القصد هو التركيز الكامل في مدة زمنية قصيرة في نفس المشروع. لماذا؟

ساعة عشوائية في نهاية يوم عمل بعد إرهاق طويل، لن تتساوى أبدًا مع ساعة في صدر النهار أنت فيها في كامل تركيزك. ليس هذا فحسب، ولكن مزاجك كذلك يتغير كل يوم حسب إنجازات اليوم. هذا لن يضمن لك أن تكون حالتك الذهنية ثابتة على نفس ما ترغب كل يوم. أي أن الكل (عدد الساعات المتصلة من العمل) لن يساوي أبدًا مجموع أجزاؤه (نفس عدد الساعات من العمل ولكن متفرقة)، لأن الإنتاجية لا ترتبط بالوقت وحده، وإنما بالحالة المزاجية كذلك. 

العالم أوسع مما تتخيل .. انطلق

يعتبر كتاب Rework أو (إعادة تصميم العمل) حسب الترجمة الرسمية الصادرة من جرير، هو أروع كتاب قرأته وساعدني على تطوير وتعظيم حجم نكتب لك. ولكن أغرب ما قرأته في فصول الكتاب هو أن كتاب Rework نفسه عبارة عن مشروع جانبي لنشاط الشركة الرئيسي الذي هو تقديم الحلول البرمجية، وبيع برمجيات SaaS. 

هذه الفكرة وحدها لفتت انتباهي أنني عرضت أعمالي لخطورة شديدة، ولم أجهزها جيدًا لمواجهة الأزمات المفاجئة (مثل جائحة كورونا). فقد يكون النشاط التجاري قويًا، ولكنه غير مستعد للصمود أمام أزمة طاحنة، أو تغيير يؤثر على مسار عالم الأعمال ككل (كنشاط تقنيات الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، كما سنتحدث في الفقرة التالية). 

المخرج الوحيد من هذا هو أن تخرج من الإطار الضيق لما تمارسه من أعمال. فإذا كان العالم واسعًا بالخارج – أوسع مما تتخيل – لماذا تحجز نفسك في تلك المساحة الضيقة؟

التفكير بهذه الطريقة دفعني دفعًا إلى بدء مشاريع جديدة – جميعها مرتبط بالعمل عبر الإنترنت – بل وتطوير فكري ككل ومحاولة الاستثمار في مشروع لا يرتبط بالعمل على الإنترنت من قريب أو بعيد. 

قاعدة #9: عندما نتحدث عن الاستثمار، استمع إلى وارن بافيت وهو يقول: عند الاستثمار، لا تضع البيض كله في سلة واحدة. 

أنت في حاجة إلى تنويع مصادر دخلك، وإعطاء مساحة أكبر من الإبداع والتحرر في أعمالك. لقد بدأنا نكتب لك كشركة لكتابة المقالات التسويقية، والآن نقوم بتقديم خدمات تهيئة المواقع لمحركات البحث. هذا ليس غريبًا على الإطلاق، إذا علمت أن شركة سامسونج (الشركة الرائدة في عالم الإلكترونيات) قد بدأت كشركة بيع وإتجار في الأرز. 

لم تبدأ باي بال PayPal كأكبر بنك إلكتروني في العالم، ولكن بدأت كشركة تشفير معاملات. فيسبوك كانت شبكة محلية لطلبة الجامعة. بل إنه حتى جوجل نفسها لم يكن لديها بزنس موديل حتى ظهر برنامج Adwords لديها مع المعادل العكسي له Adsense لتبدأ الشركة في رحلة الصعود. 

قاعدة #10: انطلق حيث يسعك العالم، وابذر أكثر من بذرة في أكثر من مكان، فأنت لا تدري أيها ستثمر أكثر .. يقينًا.

هل عصر الـ AI هو عصر الفزع بالنسبة لصناعة المحتوى؟

أتحدث الآن وChatGPT يثير انبهار الملايين ويثير هلع الآلاف من احتمالية فقدان وظائفهم. ولي نظرية خاصة فيما يتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناع وصناعة المحتوى. هذه النظرية تتلخص في جملة واحدة فقط: لن تصل الآلة يومًا لاحترافية البشر في صناعة المحتوى. 

قد يتمكن روبوت من رص الكلمات جنب بعضها البعض، وإثرائك بمعلومة منطقية مفيدة، أو اقتراح تطوير، أو حل معضلة منطقية، أو حتى إعطاءك خطة تسويقية لتنمية أعمالك. ولكنه أبدًا لن يستطيع تغيير مفهوم، إو إقناعك بشيء ما عكس قناعاتك، أو حثك على اتخاذ إجراء معين .. هذا هو الأمر ببساطة شديدة. 

نعم .. سنجد طوفان من كاتبي المحتوى الذين يعتمدون على تقنيات الذكاء الاصطناعي في كتابة المحتوى، ولكن هذا لن يقضي – قطعًا – على مهنة صناعة المحتوى القائمة على الذكاء البشري، والتي تعتمد في الأساس على أنني إنسان، يخاطب إنسان. 

لا تنس في النهاية أنك: إنسان

وعلى الرغم من صعوبة الرحلة ومشاقها (عكس ما يبدو براقًا ومبهرًا في عيون الآخرين) إلا أنني سعيد للغاية بهذه الرحلة. وأدعو كل المغامرين لخوضها والاستمتاع بكل لحظة فيها، بغض النظر عن محطات الوصول المتوقعة أو المرتقبة. 

ولكن ما أريد أن أختم به هذا المقال الاستثنائي هو: لا تنس – أبدًا – أنك إنسان

الحياة تمتلئ بالكثير من التفاصيل التي تدعوك لملاحظتها ومنحها بعضًا من وقتك. لن تستطيع تقدير هذه النعمة إلا إذا حدثت لك محنة أبعدتك عما تتصور أنت – خاطئًا – أنه حياة. فإذا جلست يومًا في سرير المرض، لا تستطيع التقاط أنفاسك، لا تدري إن كنت ستحيا لتواصل الحياة أم ستموت ليختفي أثرك، ستدرك لحظتها أن الحياة بها الكثير من الأمور الأكثر أهمية من العمل والتي يجب أن تتوقف أمامها وتستمتع بالتقاط أنفاسك لأجلها. 

الحياة المهنية جزء من حياتك، وليست كل حياتك. نجاحك المهني جزء من عدة نجاحات يجب أن تحرص عليها، وليس هو كل النجاحات. نعم، ربما يكون أهمهم بالنسبة لشخص ما، ولكنه يظل مجرد نجاح محدود – للغاية – إذا قارنته بالنجاح في علاقة إنسانية أنت في أمس الحاجة إليها عندما تفقد عملك. إذا قارنته بهدف لن يستطيع المال منحه لك. إذا قارنته بمتعة لن يساعدك في تحقيقها الاجتهاد في العمل. 

أو إذا قارنته وأنت على فراش المرض، لا تدري أستنهض من جديد .. أم تلك هي اللحظات الأخيرة. 

كلمتي الأخيرة لك: لا تنس أبدًا .. أنك إنسان.

شارك المقال

Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر

مقالات ذات صلة

أضف تعليق

One Response

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.