حملة تسويقية بـ 300$ في الشهر .. كيف تنصب الشركات الرخيصة على العملاء وتسيء إلى سوق صناعة المحتوى

لم يعد من المستغرب الآن أن نذهب إلى أحد العملاء لعرض حلولنا التسويقية من خلال التسويق بالمحتوى، ثم نخرج من عنده، أو ننهي المقابلة عبر زووم ونحن محملون بطاقة لا توصف من الصدمة والإحباط. 

تكرر هذا المشهد كثيرًا، حتى بتنا نشم رائحة ضياع الصفقة من أول لقاء أو محادثة مع عميل يتحدث معنا عن نمط متكرر من المسوقين: نمط الذي يفعل كل شيء .. مقابل 300$ في الشهر. 

لنبدأ القصة… 

ما قبل القصة 

قبل أن ندخل إلى قصة اليوم، هناك مقدمة لا بد منها لتتعرف أكثر على نشاطنا التجاري في نكتب لك. نحن نقدم خدمات التسويق بالمحتوى باستخدام استراتيجيات تهيئة المواقع لمحركات البحث SEO وهذا يعني أننا نوظف كلا من خبير SEO والعديد من الموظفين الذين بإمكانهم كتابة محتوى مهيأ لمحركات البحث، هذا بخلاف المخططون وواضعي الاستراتيجية التسويقية، الذين أتشرف بالعمل معهم. دورنا هو تنمية أعمالك من خلال زيادة عدد العملاء المحتملين Leads إلى موقعك، وتقديم التوصيات التي تساعد على زيادة المبيعات.

قمنا بتصميم وإنشاء صفحة هبوط، أنفقنا عليها مئات الدولارات لغرض واحد: فتح المزيد من الصفقات Leads ومحاولة تحويلهم إلى عملاء Clients من خلال التواصل الرقمي Online أو الفعلي Offline. جاءنا بعض العملاء. قمنا بالتواصل مع أحدهم، وذهبنا لنعرض عليه خدماتنا. 

طبيعة الخدمات التي نقدمها في نكتب لك، نحرص فيها على التكامل بقدر الإمكان. والجودة المرتفعة تتطلب مجهودًا كبيرًا في الإعداد، ودقة بالغة في التنفيذ، حتى نحقق للعميل ما يصبو إليه من أهداف، وفي نفس الوقت نحقق أرباحًا مناسبة لنا، تساعدنا على الاستمرار في العمل، والتواجد في سوق التسويق الرقمي العربي. 

فنحن لم نتقاض أي تمويل من مستثمرين، يسمح لنا بالتواكل عليه وتطوير أعمالنا، وإنما نعتمد في عملنا – اعتمادًا كليًا – على جهودنا الذاتية وتمويلنا الشخصي. لذلك عندما نقدم عرضًا ما لعميل، فقد يكون هذا العرض مرتفعًا كقيمة استثمارية للعميل. ولكن نتائجه ستظهر بشكل جيد على مدار الشهور والسنين التالية. 

قصة قصيرة حزينة (قصة عميل الـ 300$ في الشهر)

بعد المقدمة السابقة، لعلك الآن على دراية بطبيعية عملنا. 

أحد العملاء طلب عقد اجتماع ليتعرف على ما نقدمه من خدمات. عقدنا الاجتماع وحدثناه عن عملنا وكيف نعمل، وما هي إنجازاتنا السابقة، وكان مبهورًا بما قدمناه. حتى الآن وتسير الأمور معه على ما يُرام. 

ولكن عندما قدمنا عرضنا السعري (الذي لن يقل بأي حال من الأحوال عن 2,500$ في الشهر الواحد لتحقيق تلك النتائج) إلا وتغير كل شيء. 

بدأ العميل يعترض، ويتحدث أن هذا كثير، وهذه المبالغ ضخمة للغاية. وعندما سألناه السؤال البيعي الدقيق: ضخمة بالنسبة لمن (كشخص) وبالنسبة لماذا (كقيمة)؟ كان رده الصادم: هناك من يقدم مثل هذه الخدمات وأكثر مقابل 300$ في الشهر فقط؟

هنا أُسقط في أيدينا .. كيف يمكن لشركة – أو حتى شخص – أن يقدم مثلما نقدم من خدمات احترافية مرتفعة الجودة مقابل 300$ في الشهر فقط! لا يوجد تفسير منطقي لهذا الأمر. سألناه: هل جربت هذه الشركة؟ فكان الرد: لا .. ولكن صديقي فلان جربها، وأخبرني بما يقدمون. 

فما الذي يقدمونه يا صديقي مقابل تلك الـ 300$؟

  • محتوى متجدد على الشبكات الاجتماعية
  • إدارة الحملات الدعائية المدفوعة Media Buying
  • كتابة 4 مقالات للمدونة
  • ……وبعض الخدمات التسويقية الأخرى

سألته: منذ متى وهذه الشركة تدير الحملة التسويقية لصديقك؟ 

فأخبرني: منذ عدة أشهر

سألته: وهل شعر صديقك بأي فارق أو نتيجة في نشاطه التسويقي؟ هل قدموا له تقارير وتحليلًا للموقع ولأدائه وللنشاط التجاري ككل؟ 

فكان الرد بأنه لا يدري على وجه التحديد، ولكنه بالتأكيد يحقق نتائج، وإلا ما عمل معهم. طلبنا منه أن يتصل بصديقه ليسأله عن اسم الشركة وعما إذا كان يعمل معهم حتى الآن، فاعتذر بتهذيب، وانتهت الصفقة عند هذا الحد. 

فيروسات الـ Hit & Run التي أفسدت سوق التسويق الرقمي

في كل سوق من الأسواق، وفي كل صناعة عرفتها البشرية منذ القدم، وهناك دائمًا فئات تحرص على تقديم البضاعة الرديئة. يرى صاحب هذا الفكر أن تحصيل المال أهم من تقديم القيمة. فيضع المال على أولى أولوياته، ولذلك يحرص على تقديم كل ما يجلب له المال سريعًا بغض النظر عن تقديم القيمة. 

هذه النوعية من الشركات أو الأشخاص يتعامل مع الأمر من منظور سد الفراغ فحسب. فلا يضع استراتيجية تسويقية، ولا يحدد أهدافًا جادة، ولا ينظر إلى العميل إلا كوسيلة لجني المزيد من المال، وليس بغرض تقديم خدمة حقيقية له. ولذلك عندما يستغنى عنه العميل – وهذا ما يحدث كل يوم، وهذا بالتأكيد ما حدث مع صديقه أو سيحدث عاجلاً غير آجل – لا تكترث هذه الشركة كثيرًا لفقدان ذلك العميل، وتبدأ في البحث عن عميل جديد تعيد معه هذه الكرة، وهكذا وهكذا. 

هذا النمط – بكل بساطة – هو الإجراء العشوائي الذي يهدم صناعة التسويق الرقمي بمرور الوقت. وسبب هذا الانهيار – المرتقب – هو أن العميل ليس لديه الوعي الكافي الذي يسمح له بالتمييز بين الجيد والسيء، الغث والسمين، من يقدم قيمة ومن يسعى لجني المال فحسب. 

لا يعرف العميل – إلا من رحم ربي – الفارق بين من يقدم قيمة حقيقية، ومن جاءه ليستقطع جزءًا من أمواله لفترة زمنية مؤقتة يتقوت بها حتى يمكنه الاستمرار في العبث الذي يقوم به. لا يقدم قيمة حقيقية ولكنه يؤدي وظيفة نمطية بدون وعي وبدون خبرة وبدون أدوات قياس، بل حتى بدون هدف. فلا قيمة للقياس عند غياب الهدف. 

ومع نجاح هذه الطريقة مع بعض المسوقين أو الكيانات التي تزعم أنها شركات تسويق، وانخداع أصحاب الأعمال بهم (بحكم عدم إلمامهم الكافي بما يحتاجونه لتنمية أعمالهم)، تكررت كثيرًا من أشخاص آخرين، حتى ولو كانوا – صدق أو لا تصدق – من خارج صناعة التسويق الرقمي تمامًا، وأتوا إلى هذه الصناعة ظنًا منهم أن بها الكثير من المال مقابل اللاشيء الذي يقدمونه. 

فيتفننون في إبهار العميل الذي لا يفقه مما يقولونه شيئًا، وينفذون المهام التي يحتاجها بأدوات الذكاء الاصطناعي عديمة اللون والطعم والرائحة، ويقدمون له محتوى مضبوطًا إملائيًا شديد الركاكة صياغيًا كتبه روبوت، وصورًا أنشأها روبوت، وفيدوهات أنشأها روبوت، وتعليق صوتي صنعه روبوت، ويعتمدون على الكثرة لا الجودة، ويكررون الأمر مرارًا وتكرارًا حتى يحققون أعلى إيرادات ممكنة، معتمدين أكثر على الأدوات وليس العقليات والاستراتيجيات.

البزنس لا يُدار بالروبوت هكذا في عالم الأعمال

قصة نجاح حقيقية: قصة نجاح فوم

يحتاج التسويق بالمحتوى إلى العديد من الأشياء. يحتاج إلى خطة: 

  • تحديد هدف (رؤية)
  • وضع استراتيجية
  • رسم خطة
  • التنفيذ
  • المتابعة
  • التقييم

ثم أهم عنصر، والذي لا يصلح الأمر إلا به .. يحتاج الأمر إلى وقت. 

تعرفنا على شركة فوم Vom في أكتوبر 2022 وهي شركة SaaS سعودية. فوم هي شركة تقدم خدمات محاسبة سحابية. عندما بدأوا معنا كان إجمالي زيارات الموقع لا يزيد عن 1000 زيارة شهريًا، وبدون مبيعات أو صفات مفتوحة Leads على الإطلاق من خلال الـ organic traffic.

اجتمعنا مع فوم في ذلك اليوم من شهر أكتوبر. شرحنا لهم استراتيجيتنا طويلة المدى في الاستحواذ على العملاء القادمين من خلال محرك بحث جوجل، والباحثين عن حلول محاسبية، ولا يعرفون أن هناك أنظمة محاسبة سحابية تقدم لهم هذا الحل، وبأسعار استثنائية وجودة مرتفعة للغاية. 

في تلك المرحلة لم تكن شركة فوم تحقق أي شيء عن طريق الموقع الإلكتروني. لا أقول: لم تكن تحقق مبيعات، ولكن أقول: لم تكن حتى تجلب صفقات Leads. كانت محصلات البحث الطبيعي لديهم Organic تساوي صفرًا. ولكن ماذا كانت الميزة الرئيسية في فوم كعميل بالنسبة لنا؟ أنه كان عميلاً مثقفًا.  

كان يعرف ماذا يعني مصطلح Search Engine Optimization وكان يعرف ماذا يعني مصطلح Content Marketing وكان يفهم أهمية الاستراتيجية، وضرورة الخطة. كان يستوعب معايير الأداء KPI التي نقدمها له، ويعلم أننا نتقدم حتى ولو كانت البذرة بعد تحت الأرض تنمو ببطء. حقيقة كانت هذه أروع ميزة في فوم، وهي التي جعلته عميلاً لنا حتى الآن. 

ولذلك عندما اجتمعنا معهم وشرحنا لهم استراتيجيتنا في العمل، ووضحنا – بجلاء شديد – أننا نحتاج أكثر ما نحتاج إلى الوقت حتى تظهر نتائج حقيقية، لم تعترض إدارة فوم. بل على العكس، قدّموا لنا كل ما نحتاجه من دعم وأدوات تساعدنا على كتابة المحتوى الذي يحقق لهم نتائج جيدة، وكانوا يتعاونون معنا على المستوى الفني في كل ما يتعلق بالموقع الإلكتروني. 

فماذا كانت النتيجة؟ 

الآن، يحقق موقع فوم أكثر من 75,000 زيارة شهرية، يتحول منهم إلى صفقات مفتوحة Leads أكثر من 3,000 عميل محتمل، بمعدل تحويل 4% وهي نسبة أكثر من رائعة في ظل سوق تنافسي. ورغم ذلك نعمل على تنميتها مع الوقت. 

السؤال الذي كنت أنتظر منك أن تسأله هو: متى بدأت البذرة في الظهور على سطح الأرض؟ أو بلغة أخرى: كم استغرقنا من وقت حتى بدأت النتائج في الظهور، وبدأت فوم تجني من أرباح هذا المجهود؟ كم تتوقع؟

8 شهور .. 8 شهور كاملة لم تكن فوم تحقق أي شيء. فقط بعض العملاء المحتملون في صفقات ضعيفة جدًا، ونسبة تحويلات شبه معدومة. 

ولكن – وبعد طول الصبر والانتظار – تنفتح الفوهة عن آلاف العملاء شهريًا يدخلون إلى الموقع ويستثمرون في خدمات المحاسبة السحابية التي تقدمها فوم، وأصبحت تربح جيدًا بالشكل الذي يعينها على الاستمرار صامدة في السوق. ولم يكن هذا ليحدث لولا استيعابهم لطبيعة عملنا وصبرهم على ما نقدم لهم، بعد أن علموا أن الأمر يحتاج إلى وقت. 

هذا نموذج من العملاء الذي أقصد. عميل يعرف طبيعة ما نقدم، وما نحتاجه من وقت. ولديه استعداد للصبر والانتظار، حتى يحصد نتائج ما نقدم له، وعنده استعداد للاستثمار طويل الأمد. أتحدث عن فوم وقد قاربنا على الانتهاء من السنة الثانية في العمل المنتظم معهم. 

الآن نترك هذا الرسم البياني يوضح كيف نمت مبيعات فوم على مدار العامين الماضين:

تحقق فوم ما لا يقل عن 300 عملية بيع شهرية (اشتراك في برنامجها المحاسبي) من خلال الزيارات القادمة من محرك بحث جوجل فقط Organic: هذه هي نتيجة جهدنا على مدار عامين. تحصل فوم على هذه الزيارات والمبيعات بدون أن تنفق سنتًا واحدًا على الإعلانات. هذه هي مبيعات الموقع من خلال محركات البحث فقط .. ما رأيك؟ هل التجربة تستحق ما أُنفق فيها من وقت وجهد ومال؟ الإجابة لك بالطبع. 

إذا رغبت في الحصول على استشارة مجانية، أو التعرف على طبيعة عملنا يمكنك ملء هذا النموذج، وسنتواصل معك خلال 48 ساعة

الخلاصة:

انتشر في السوق العربية أشباه المسوقون الذين أساءوا إلى المهنة ولم ينفعوها. روجوا لإمكانية عمل تسويق كامل للنشاط التجاري مقابل أسعار زهيدة، تصل في بعض الأحيان إلى 300$ شهريًا يدّعون بها أنهم على دراية بكل ما يتعلق بالتسويق الرقمي، وسيقدمونه مقابل هذا المبلغ .. وهذا بالطبع (هُراء). بينما العملاء الذين يعرفون قيمة التسويق بالمحتوى عبر محركات البحث – مثل فوم Vom – فهؤلاء هم الذين يجنون الأرباح المستمرة في نهاية المطاف، وبدون جهد تسويقي يُذكر.

شارك المقال

Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر

مقالات ذات صلة

أضف تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *