تقول شركة Statista الألمانية، عملاق أبحاث بيانات السوق والمستهلكين، إن نحو 120 مليون شخص يستمعون إلى حلقات البث الصوتي (البودكاست) شهريًّا، بنسبة ارتفاع 200% مقارنة بالعامين الماضيين، ولهذا السبب يُخطّط 17٪ من مديري التسويق والشركات في العالم لإدماج «البودكاست» في إستراتيجيتهم للتسويق بالمحتوى وفق Hubspot. أما نحن في «نكتب لك»، فقد أطلقنا قناتنا التسويقية في منصّات «البودكاست» المختلفة في أكتوبر 2020 «بودكاست نكتب لك»، قبل أن نعرف هذه الإحصائيات المدهشة عن ذلك المجال المتصاعد وشديد المنافسة!
في هذه المقالة، نبسط الحديث عن تجربتنا في إنتاج «بودكاست» تسويقيّ متخصّص في عالم التسويق بالمحتوى، لمساعدة الشركات العربيّة التي تفكر في بدء إنتاج «بودكاست» يحدوها على المُضيّ قُدمًا في هذا المجال، بخاصة بعد أن أصبح التدوين الصوتي «البودكاست» أداة شائعة ومساعدة للشركات والمؤسسات على الوصول إلى جمهورها المستهدف، وتقديم قصص وأفكار ومحتوى متنوع من أجل زيادة الوعي بعلامتها التجارية والتفاعل مع عملائها، وزيادة فاعليّة قنواتها التسويقية بتضمينها قناة تسويقية جديدة مثل «البودكاست» الذي ييسر لتلك الشركات الوصول إلى جم غفير من الجماهير المتنوّعة.
كيف تُنتج «بودكاست» تسويقيًّا ناجحًا في 2023؟
لقد مررنا في «نكتب لك» بمراحل إنتاج وتطوير قناتنا التسويقيّة عبر «البودكاست»، وواجهنا عقبات كثيرة خلال رحلتنا التي وضعنا لها جدولًا زمنيًّا لقياس فعاليّة التجربة، ومن ثَم سنبسط أمامك تلك المراحل التي لا بد أن تَجوزها وأنت تُنتج بودكاست تسويقيًّا.
- الاسم والفكرة والمحتوى:
هذا الثلاثيُّ مهم للغاية؛ فاسم «البودكاست» هو المعيار الأول والرئيس الذي يحدد فاعليّته وتأثيره لدى جمهورك المستهدف، وفق مجموعة من المحددات، أبرزها: مجال عملك، والمحتوى الذي تقدمه، وحجم «البودكاست»، إذ إن تقييمك لها جميعها يوصلك إلى اسم مؤثر، يبقى حاضرًا في ذهن جمهورك، وواسع الانتشار والأثر في المجال الذي تعمل فيه، كما يُميِّزك دون غيرك ويُضفي تألُّقًا كبيرًا يرتبط باسم شركتك وصورتها الذهنيّة.
أما الفكرة، فهي المضمون العام الذي عليك تحديده قبل الانطلاق بمحتوى «البودكاست» الخاص بك، وذلك بتلخيصه في اسم واضح وجملة تسويقية تعريفيّة تُعبِّر عن المحتوى الذي سيتلقّاه المستمع، وتحديد أبعاده، ليس فقط بإعداد إستراتيجيّة واضحة لما سيتضمّنه المحتوى من محاور وأفكار، إنما أيضًا بالأبعاد التي ستعمل عليها في مراحل مُتقدّمة.
وأما المحتوى، فهو نتاج المرحلتين السابقتين اللتين تَخْلُصُ منهما إلى طبيعة المحتوى الذي ستقدمه في «البودكاست»: حواريّ، قصصيّ، معرفيّ، تفاعليّ؛ وإلى تحديد عدد المواسم التي سيتضمّنها، وعدد برامجه أيضًا، فضلًا عن مُدّة الحلقات الصوتية وأسلوب إنتاجها ومعالجتها وما تتضمّنه من أفكار ومحاور؛ وإلى اختيار مقدم البرنامج أو البرامج، إلخ.
إليك نصيحتنا: عليك مراعاة أمرين لا ثالث لهما، وهما متمثّلان في الوصفة السحرية التي يعرفها الجميع، لكن قلّ من يطبّقها، وهما:
- تجنّب الحشو وتَكرار المحتوى، وتميّز بمواد صوتية مثيرة للاهتمام تُجيب عن أسئلة جمهورك المستهدف وتحل مشاكلهم.
- قدِّم محتوىً إبداعيًّا فريدًا، ليس من حيث المضمون فقط وإنما بالتطرق إلى موضوعات جديدة كليًّا تثير شغف جمهورك وارتباطه بك وبمحتواك حتى يغدو عميلًا حقيقيًّا ودائمًا.
- الهُوية البصريّة وإنتاج الحلقات الصوتية:
مرحلتان في مرحلة واحدة، تُكمل إحداهما الأخرى، فالهُوية البصرية هي التعبير البصريُّ الذي يُرسّخ اسم «البودكاست» في ذهن ووعي جمهورك المستهدف، ويُضفي جماليّة وأصالة على الشعار الخاص به، ويُظهر ألوانه وخطوطه، وقوالب التصميم المختلفة والمميزة التي تتنوّع باختلاف وتنوّع المحتوى الذي تعرضه (صورة الـمِلف الشخصي، الغلاف، أغلفة الحلقات الصوتية، التصميمات الدعائية، الفيديوهات الدعائية، إلخ).
كما أن هذه الهُوية البصرية ترافق الحلقات الصوتية خاصّتك في كل منصات «البودكاست»، ومنصات التواصل الاجتماعي، والملصقات الدعائية وغيرها، وهي نقطة الانطلاق لإنتاج حلقات برنامجك، فضلًا عن تفرُّدها في كل برامج «البودكاست» بتصميمات وألوان خاصة، من وحي الهُوية البصرية الأساسية التي تُكوِّن في تكاملها الركن البصريَّ المُميّز لـ «البودكاست التسويقيّ» الذي تقدمه، بخاصة إذا عبَّرت عن محتواه وأفكاره بإبداع شديد!
ومن هنا تبدأ مرحلة الإنتاج، التي تشمل بناء تقويم بعناوين الحلقات بعد تحديد عددها، ومن ثَم تحديد الضيوف المناسبين (إن تطلّب البرنامج ذلك)، أو تحديد المحتوى وزواياه، ومن ثَم البدء بالكتابة الإبداعية التفاعلية باللغة أو اللهجة المناسبة والقريبة إلى الجمهور، وصولًا إلى مرحلة التسجيل الصوتي الاحترافيّ.
تمتدُّ مرحلة إنتاج الحلقات الصوتية إلى ما بعد ذلك، إذ يشمل مفهوم الإنتاج إجراء عملية مونتاج دقيقة للحلقات لأن خصوصية «البودكاست» تكمن في استهدافه لحاسّة واحدة، وهي الأذن – صحيحٌ أن هنالك «بودكاست» مرئيًّا لكن هذا موضوع آخر – بخلاف المحتوى المرئيّ. وفي هذا تحدٍّ كبير، يُتوَّجُ بجذب الجمهور عبر استخدام المؤثرات الصوتية والمقاطع الموسيقية والعبارات التشويقية والصوت عالي الجودة واللغة الرصينة والإخراج المُتقن، إلى أن تُنتَج الحلقة إنتاجًا مذهلًا يحقق الغرض المراد منها!
همسة غالية:
- لا تتوقّف عن إنتاج ونشر حلقات «البودكاست» وإن لم تحظَ بنتائج كبيرة في البداية؛ فالاستثمار في هذا النوع من المحتوى يحتاج إلى صبر وطول بال، وتميُّز كبير وإنتاج ذي جودة عالية!
- النشر والتسويق:
تشمل عملية النشر مرحلتين: الأولى، تحديدُ منصات «البودكاست» التي تريد النشر عليها، مثل: Apple Podcasts, Google Podcast, Spotify وغيرها، حسب ما يفضله جمهورك المستهدف، وحسب ميزانيّتك التسويقيّة المُخصّصة لهذا الجانب، إضافة إلى ما له أولوية في النشر، وإن استطعت إنشاء بودكاست مرئيّ؛ أي تحويل هذا «البودكاست» إلى فيديو ونشره على يوتيوب لإضفاء المزيد من التفاعلية على المحتوى – فافعل. والمرحلة الثانية: النشر.
في حين تتلخّص عملية التسويق في جانبين أيضًا: الأول، تخصيص جزء من الميزانية التسويقية للشركة لتسويق «البودكاست» في منصات التواصل الاجتماعي تحديدًا، والموقع الإلكتروني أيضًا. والثاني، التسويق بـ «البودكاست» ذاته! بترويج إعلانات قصيرة تحث جمهورك المستهدف على الاستماع إلى حلقات قديمة ذات صلة بموضوع الحلقة، أو الترويج لحلقة قيد الإعداد ستُنشر قريبًا!
من تجربتنا في «بودكاست نكتب لك».. إليك الخلاصة!
- منهجية «البودكاست» التي عملنا عليها:
لقد اتّبعنا في بودكاست نكتب لك منهجية تستند إلى محورين:
- الأول: حلقات حواريّة حول التسويق بالمحتوى وكل ما يدور في فلكه:
لقد أنتجنا مجموعة من الحلقات لا تزيد مدّتها على نصف الساعة، مع ضيف أو عدة ضيوف من فريق نكتب لك أو من مديري التسويق والمتخصصين بالتسويق بالمحتوى في العالم العربي؛ أطلقنا عليها «دردشة تسويقيّة»، وتناولت موضوعات بارزة، منها: كيفية صناعة محتوى منافس ومتجدّد، كيف تجد أفكارًا تصلح لأن تحوَّل إلى برمجيات ساس، كيف تدمجُ بين السيو والمحتوى لبناء إستراتيجية مثمرة؟
- الثاني: حلقات تفاعليّة من محتوى مقالات مُدوّنة نكتب لك:
حوّلنا مجموعة مختارةً من مقالات مُدوّنة نكتب لك الأكثر تفاعلًا، إلى حلقات صوتيّة ضمن محتوى «بودكاست نكتب لك»، لتُرافق مديري التسويق وأصحاب الشركات التي نستهدفها في منصات «البودكاست» المختلفة خلال أوقاتهم المفضلة، ولتكون خِيارًا للمعرفة، إضافة إلى إمكانية قراءتها في المدوّنة، ومن هذه الحلقات: التسويق بالمحتوى: كيف تصنع مدونة تجلب آلاف العملاء إلى متجرك الإلكتروني، أساسيات ضرورية جدًّا لبناء إستراتيجية قوية لتهيئة موقعك لمحركات البحث.
- التحدّيات التي واجهتنا خلال مرحلة الإنتاج:
واجهنا نوعين من التحدّيات، اختلفا من «بودكاست» إلى آخر، ومن تجربة إلى أخرى، لكننا في هذا السياق نتحدّث من واقع تجربتنا التي تجاوزت عامًا في صناعة المحتوى الصوتي التسويقيّ الذي أبرزنا فيه مجموعة مختارة من العناوين والمحاور وناقشناها من واقع تجربتنا في التسويق بالمحتوى، وتواصلنا مع مجموعة من المتخصصين في مجالات التسويق.
- التحدّي الأول: الاستمراريّة في إنتاج حلقات صوتية ثريّة ونوعيّة:
وهو ما نجحنا فيه في كل مرة، لأننا بنينا قائمة بالموضوعات والضيوف المقترحين، وتواصلنا معهم بحسب مراحل مُعدّة مسبقًا، وجدولنا اللقاءات الصوتية المُسجّلة، التي كنا قد أنهينا إنتاجها وتجهيزها للنشر حسب محددات تتوافق مع طبيعة جمهورنا المستهدف.
- التحدّي الثاني: تكامل العملية التسويقيّة ووعي الجمهور بـ «البودكاست» التسويقي:
لقد مزجنا في مراحل تسويقنا للبودكاست بين العناوين التي قرّرنا تحويلها إلى حلقات صوتية وبين تطور المفاهيم وزيادة الوعي لدى جمهورنا، إذ عملنا على تهيئته بمحتوى منشورات على منصات التواصل وبخاصة تويتر ولينكدإن، قبل تسويقه، كما أننا خصّصنا صفحة خاصة بالبودكاست على موقع نكتب لك الإلكتروني.
- النتائج التي حظينا بها طَوال عمر «البودكاست»:
من المهم أن نُخبرك قبل الحديث عن النتائج التي كسبناها من «البودكاست»، أننّا ومن اللحظة الأولى التي قرّرنا فيها إنتاج «بودكاست تسويقي»، حدّدنا عمر المرحلة الأولى لهذه التجربة، لأنّنا نعرف أن فاعليّتها ستستمرّ حتى بعد انتهائها، وهو ما سيتضح جليًّا في النتائج.
- النتيجة الأولى: ازداد نطاق تسويقنا لخدماتنا في نكتب لك، اتساعًا وانتشارًا، وبات يستهدف جمهورنا في منصّات أكثر، مما أدّى إلى تعزيز وجودنا وإثراء صورتنا الذهنية وتقديم قيمة إضافية لمتابعينا من الجمهور الذي نستهدفه والجمهور الذي يُتابعنا، من كتاب المحتوى والمهتمين بالتسويق وتهيئة محركات البحث وغيرها.
- النتيجة الثانية: ما زالت الحلقات الصوتية لبودكاست نكتب لك في منصات «البودكاست» المختلفة تحصد نتائج مستمرّة، فعلى الرغم من نشرنا حلقتين فقط عام 2022 فإن الإحصائيات تُشير إلى أن الحلقات المنشورة على منصّتنا في Soundcloud فقط قد سُمِعت 1936 مرة خلال العام، ومنذ مطلع العام الجاري 2023 وحتى لحظة كتابة هذه المقالة في منتصف يناير من نفس العام، استمع نحو 100 مستمعٍ للحلقات على المنصّة ذاتها، دون أية عملية تسويقيّة من نكتب لك!
- النتيجة الثالثة: شعورنا الكامل بالرضى عن تجربتنا في صناعة محتوى جديد، ضمن هدفنا السّامي للتوعية بمجال التسويق بالمحتوى في العالم العربي، وإنتاج قيمة معرفية حقيقيّة للتعريف بهذا النوع من التسويق وترسيخه لدى جمهورنا من مديري التسويق وأصحاب الشركات في العالم العربي، الأمر الذي لا شكّ أنه زاد صورة نكتب لك الذهنية لدى عملائها الحاليين والمحتملين، بهاء وجلاء!
الخُلاصة.. هل ترغب في إنتاج «بودكاست تسويقي»؟
لا تدع الحيرة تنال منك، وابدأ على الفور في خطة قوية ومحكمة لبناء «بودكاست تسويقي» في منصاتك التسويقية؛ فهذا المجال الجديد الذي يزداد انتشارًا ومنافسةً، ويعظُم جمهوره شيئًا فشيئًا، يستحق أن تبذل فيه ما وسعك وتستهدفه بمحتوى قيّم وتنافسيّ، يعزز قيمتك ويحقق أهدافك، ويسوّق لمنتجاتك وخِدماتك في حلقات صوتية احترافيّة تُعطي انطباعًا قويًّا لدى جمهورك بأنك ماهرٌ جدًّا وقادرٌ على تقديم الخدمة المُثلى والمنتج الأفضل على الإطلاق، كيف لا، وهو يسمع إبداعك في محتوى «البودكاست» وإقناعك له، فما بالك باقتناعه بخدمتك أو منتجك؟
ترغب في بناء إستراتيجية تسويق بالمحتوى مناسبة لمجال عملك؟ تواصل معنا الآن